اختراعات غريبة في التاريخ - اختراع الدولاب الغامض لأورفيروس

 اختراعات غريبة وغامضة في التاريخ

دائما ما تجذب قصص الاخترعات الغريبة فضول الناس واهتمامهم، وتثير فيهم الرغبة في المعرفة والفهم. وفي مقالنا هذا سوف نستعرض اختراعا غريبا من اختراعات القرن لثامن عشر في ألمانيا، قراءة ماتعة.

اختراعات
اختراعات غريبة

 مقدمة

في العام 1712 وفي يوم عادي من أيام قرية "جيرا" بألمانيا، خرج رجل يلقب نفسه بـ"أورفيروس" من أهل البلدة ومعه اختراع غريب، أعلن أنه أحدث اختراعاته الجديدة، ولم يكن يعلم أورفيروس نفسه أن اختراعه لو كان قد رأى النور آنذاك لكان قد غير العالم، وحول معيشتنا الحالية لحياة مختلفة تماما.


 الاختراعات تبدأ مع الأحلام

حلم الوصول إلى الحركة الثابتة مخادعة وتضليل. فقانون صيانة الطاقة يؤكد أن لا توليد ولا ضياع للطاقة، أي لا يمكن أن نطلب من آلة طاقة أكثر مما نضع فيها. لهذا، يصعب الاقتناع والقبول برواية آلة أو ماكينة أو اختراع الحركة الثابتة التي تتحدى المنطق والعلم.

 

مخترع هذه الآلة أطلق على نفسه أورفيروس لكن اسمه الحقيقي جوهان أرنيست بيسلر، ولد في ساكسونيا في العام 1680، وكان ذو ثقافة عالية ومتبحرا في الأديان واللاهوت والطب والرسم واليمكانيك. في ابتداء ثلاثينياته، أعلن اكتشافه لسر الحركة الثابتة.

 

اليوم، تبدو الحركة الثابتة ممكنة عملياً. فلنبني، مثلاً، دولاباً يدور حول محور مشحم، ولنعلق فيه ثقلاً قليلاً، فيسقط هذا بفعل وزنه ويصعد ثانية بفعل زخم حركته حتى يصل النقطة العليا. لكن هل كان سيصل إلى القمة دون دفعة من يدنا؟

 

في العام 1712، أعلن أورفيروس عن اختراعه، وأخرج إلى ساحة قرية "جيرا" في ريف رووس (Reus)، دولاباً قطره ثلاثة أقدام وعمقه أربعة إنشات، ودفعه قليلاً فدار سريعاً ثم استقر على سدعةٍ ثابتة. وادعى أورفيروس أن دولابه قادر على رفع أوزان متعددة.. وهذا هو المستحيل بعينه.

 

وبما أن اهتمام البشر لا يُجلب إلا بوجود الاختراعات الجديدة والمفيدة في نفس الوقت، فالناس والأعيان في جيرا لم يعيروا اختراع أورفيروس هذا اهتماماً، ولو تنبهوا آنذاك لعرفوا أن هذا الرجل يقدم لهم اختراعاً يغير وجه العالم، ولو أعيد اكتشاف السر الآن، لاستغني العالم عن الفحم والبترول والطاقة النووية. أو قد يكون أورفيروس هذا رجلاً مثيراً متبجحا وجازم.


 الاختراع رغم الظروف

في كل الأحوال، كان لأورفيروس من الأعداء كثير ومن الأصدقاء قلة، ما اضطره إلى مغادرة جيرا دون ندم ليستقر في "دراشفيتز" قرب مدينة ليبتريغ حيث بني في العام 1713 دولاباً أكبر يدور خمسين دورة في الدقيقة ويرفع أربعين ليبرة.

 

ثم ارتحل أيضاً إلى ميرسبيرغ ليصنع دولاباً أكبر من السابقين، تفحصه بعض المتنورين وأعلنوا أن ليس هناك من قوة خارجية تدفعه، ووقعوا وثيقة بهذا الأمر.

 

لكن هذا النصر الصغير أثار أعداء أورفيروس، فعرض واحدهم الكثير المال مقابل أن الدولاب لشهر كامل في غرفة مغلقة، بينما أكد آخرون على قدرتهم بناء دولاب مماثل لدولابه، بينما قام بورلاش، من ليبزيغ، بنشر كراسة يبرهن فيها أن الحركة الثابتة معارضة لقوانين الطبيعة.

 

وفي السنة نفسها، 1716، غادر أورفيروس ميرسبورغ إلى الدولة الصغيرة المستقلة هيس - كاسيل (Hess - cassel) حيث أحرز النجاح وأصاب الشهرة، فقد أعجب به وباختراعه حاكم الدولة الكونت كارل ونصبه مستشاراً له وأنزله في قصره.


اختراع
اختراع الدولاب




 الاختراعات لا تنتهي برحيل صاحبها

وفي السنة التالية، بني أكبر دولاب بقطر 12 قدماً وبعمق 14 إنشاً. وبرغم كبره كان الدولاب خفيف الوزن. وصفه البروفيسور "غرايف ساند" في رسالة إلى السير إسحاق نيوتن: "..دولاب كبير يشبه الطبل مغطى بالقماش ما يمنع النظر إلى ما بداخله. كشفت على المحور فلم أجد شيئاً خارجياً بدفع الدولاب إلى الدوران.."

 

بقي الدولاب معروضاً في القصر لشهور طويلة، وكشف عليه متنورون كثيرون واقتنعوا بإعجازه. في آخر يوم من تشرين الأول/أکتوبر 1717، طلب من أورفيروس نقل الدولاب إلى غرفة أوسع حيث لا وجود لجدران متجاورة. في 12 تشرين الثاني/نوفمبر، تأكد الكونت بنفسه من أن الدولاب يدور، وأغلق الغرفة من كل الاتجاهات مانعاً أياً كان من الدخول.

 

وبعد أسبوعين، كسرت الأقفال ودخل الكوت مجدداً إلى الغرفة المحصنة ليجد الدولاب مستمراً في دورانه، وأعيد إغلاق الغرفة حتى اليوم الرابع من كانون الثاني 1718.. والدولاب مستمر في الدوران بسرعة 26 دورة في الدقيقة.

 

عندما سأل الكونت المخترع كم يريد ثمناً لاختراعه، أجابه بكل فخر "200 ألف جنيه"، لكن الكونت لم يكن يملك كل هذا المال.


فأشار البارون فيشر -مهندس بلاط النمسا- على المخترع أن يحمل اختراعه إلى لندن حيث يمكنه الحصول على مبلغ أكبر، وكتب كتاباً إلى المؤسسة الملكية التي قررت أن تهب أورفيروس المال إن برهن الدولاب أن حركته ثابتة وإلا حرمته منه.

 

في هذه الأثناء، طلب البروفيسور غرايفساند إعادة الكشف على الدولاب، اعتقد أورفيروس أنه مرسل من المؤسسة الملكية لسرقة سره دون أن يدفعوا له الأموال فاستشاط غضباً وحبس نفسه في الغرفة وكسّر الدولاب واختفى بعد أن ترك رسالة على الجدار يتهم غرايفساند بالمسؤولية.


 خاتمة

لو كان أورفيروس عاش متأخراً قرناً عن أيامه لطارده الصحفيون أينما كان ولحصلنا على تفاصيل حياته كلها. لكنه عاش حين لم يكن للصحافة وجوداً، وكل ما نعرفه أنه أعاد بناء دولابه بعد عشرة أعوام، في 1727، وقبل أن يعاينه غرايفساند لكن لا وجود لقيود تدل على النتيجة.


وما نعرفه أيضاً أن أورفيروس توفي عام 1745 عن عمر الخمسة والستين عاماً، ورحل سرّه معه. ليظل الاختراع الغريب خاصته في غياهب التاريخ.


اقرأ أيضا:


ثلاث قصص غامضة لم يعرف سرها إلى اليوم

الاختفاء الغامض لفتيان المخيم في الغابة المظلمة

أربعة صديقات داخل منزل مسكون - قصص رعب مكتوبة

القصة الغامضة للشاب الذي يرى مخلوقات مرعبة

إرسال تعليق

تفضل بطرح أي تعليق أو رأي حول القصة.

أحدث أقدم

نموذج الاتصال